الفلسفة والحضارة الإسلامية
يقال أن الفلسفة أم العلوم، كما تعرف بأنها العلم الجامع الذي يعالج في بحوثه ماوراء الطبيعة (الميتافيزياء) .
عرفَتها الحضارة الاسلامية إبان القرن الثاني للهجرة، حيث تسربت بعض الكتب الفلسفية الى الثقافة الاسلامية بواسطة المسلمين الذين اهتموا بدراسة المعارف الانسانية، وابتعدوا عن الجمود الفكري وحاولوا دراسة ما توصلت إليه البشرية آنذاك من علوم ومعارف “رغم اختلاف الدوافع “.
ومع ذلك حوربت الفلسفة وحورب أتباعها من قبل الذين أعتبروا أنفسهم أوصياء على الدين، وكان معهم وكالة حصرية بأنهم هم الذين يمكنهم التكلم باسم الخالق دون غيرهم، وما زالوا على ما هم عليه حتى يومنا هذا.
نتيجة ذلك ظهرت آنذاك طوائف المتكلمين والمعتزلة الذين تسلحوا بالمنطق.
وقد استخدموا المنطق في الرد على المشككين ومثيري الشبهات من أصحاب الديانات الأخرى وبعض أصحاب المذاهب الاسلامية .
خلال هذا الصراع الفكري ،ظهرت فئة من المفكرين جعلت من العقل الحكم الأول في القضايا بما فيها المسائل الدينية العقدية وأولوا الآيات القرانية ،بما يخدم أيدولوجيتهم الفكرية، وهم جماعة الفلاسفة ،وأخوان الصفا.
مقابل هؤلاء ظهر التصوف كردة فعل ايضاً على هذا التوجه وغيره ،بحيث أهمل المتصوفون دور العقل، واعتمدوا التجربة الذاتية للوصول الى الحقيقة.
هذه الحقبة تميزت بصراع فكري أغنى العالم وإلى اليوم بنتائجه ومجادلاته الفكرية، والتي مثلها الامام الغزالي من طرف، وجماعة الفلسفة من أمثال الكندي وابن سينا والفارابي وابن رشد من طرف أخر.
وكان من أكبر إنتاج ذلك العصر كتاب( تهافت الفلاسفة) للغزالي وكان لهذا الكتاب التأثير الكبير والواضح لانحسار التفكير الفلسفي في الفكر الاسلامي.
وقد رد عليه ابن رشد بكتاب تهافت التهافت.
مع كل أسف استخدمت الفئات والطوائف الفكرية آنذاك الأنظمة السياسية لقمع الرأي الآخر وما زال هذا الأسلوب متبعاً في ثقافتنا الإسلامية إلى هذا اليوم.
وسؤالي بعد هذا السرد ،هل فعلاً للفلسفة هذا الدور في تقدم الأمم أو في تأخرها؟
وهل فعلاً تأخرنا عندما أهملنا هذا العلم الأساسى ؟؟؟
وللإجابة على هذه الأسئلة لابد لنا في البداية من تعريف للفلسفة.
الفلسفة كما جاء في التعاريف هي كلمة مركبة (فيلوس) وتعني باليونانية محب و(سوفيا) تعني الحكمة أي كلمة فيلسوف تعني محب الحكمة، والفلسفة تعني محبة الحكمة.
وعالجت الفلسفة ثلاثة محاور (الكون، الانسان والحياة) وحل الالغاز ،وكشف الغيبيات ،فالإنسان بطبيعة خلقه، عنده حب الاستطلاع والشغف بالمعرفة والبحث في هذا الوجود ،لأنه مخلوق ناقص ،ويسعى إلى الكمال.
فَكر الانسان بالنشوء ،واستدل على القوانين الطبيعية بعد البحث المضني، وربط الأشياء بعللها، ثم انتقل لدراسة الأنفس ودراسة الكون.
وحاول البحث عن الخير والشر، إلى أن قاده ذلك للسؤال الأهم ::
ما هي غاية الحياة ،وماذا بعد الموت؟
وليس هذا غريبا على هذا المخلوق ،لأن طبيعته البشرية الإنسانية تدعوه أن يفترض أسئلة ،ليجيب عليها، بحيث تختلف الإجابات حسب الزمن وحسب الأدوات المعرفية، يرفضها إن لم تكن يقينية ،ويبحث عن إجابات أخرى للأمور المستعصية، فهو لم يتوقف لحظة عن البحث والتأمل، وأطلق على العلم الذي يعالج الموضوعات إسم الفلسفة.
لهذا كانت وما زالت الفلسفة أم العلوم.
وأهم المسائل الفلسفية التي تطرق إليها الإنسان هي
تكوين نظرة كلية عن العالم.