الأسرةالتربيةالفلسفةعلم إجتماععلم نفس

فلسفة الإختلاف

طبيعتنا كبشر مختلفون لحكمة. «ولو شاء ربُك لجعل الناس أُمة واحِدة ولا يزالُون مُختلِفِين»

نختلف لاختلاف الأفهام، وتباين العقول، وتمايز مستويات التفكير، الأمر طبيعي جدا، طريقة التفكير والمبادئ التي تشكل شخصية الإنسان تختلف من فرد لآخر هذا واقع.

فالاختلاف سنة كونية اقتضتها الحكمة الإلهية، ومن غير الطبيعي أن يولد اختلافنا في الرأي الكراهية والحقد الذي لا داعي منه.

ظروف الحياة تجبرنا على أن نتعامل مع مختلف أنماط الشخصية، وهذا التعامل لا يعني أننا في اتفاق دائم معهم، فقد نتفق أحيانا ونختلف أحيانا، فلماذا يصر البعض على فرض آرائهم على الآخرين ويستميتون ليجعلوا منهم صورا مكررة لهم، أليس من الأفضل الأخذ بأكثر من رأي ليُستفاد من وجهات النظر الكثيرة المختلفة؟!

«بإمكانك أن تستمر في النظر إلى العالم من كُوة جدارك، لكن لا يمكنك أن تجبر العالم أجمع على النظر من خلالها» منطق يقره العقلاء.

بعد عقود من الأبحاث التي أجراها علماء التنظيم الاجتماعي وعلماء النفس والاقتصاد والاجتماع والمختصون بالدراسات السكانية، توصل الباحثون إلى نتيجة مفادها أن المجموعات المتنوعة اجتماعيًّا ( التي تضم تنوعًا في العرق والجنس والميول الجنسية) أكثر قدرة على الابتكار من المجموعات المتجانسة.


يبدو جليًّا أن مجموعة تضم أشخاصًا لديهم خبرات فردية متنوعة ستكون أكثر فاعلية في معالجة المشكلات المعقدة والطارئة من مجموعة متجانسة الأعضاء.

وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح أن التنوع المجتمعي قد تكون لديه نفس الميزة، إلا أن الدراسات العلمية الحديثة أكدت ذلك بصورة واضحة.


لا تقتصر أهمية التنوُّع على المعلومات الجديدة التي سيتشارك بها الأفراد القادمون من خلفيات اجتماعية مختلفة.

بل أيضًا التفاعل بين الأعضاء المختلفين، سيجعل كل واحد منهم يستعد بشكل أفضل لترقُّب وجهات النظر الأخرى، وإلى توقع بذل جهد أكبر للتوصل إلى نتيجة بالإجماع.

إنّ أفضل طريقة للتعامل مع الاختلاف هي الحوار والإصغاء، من المهم جدًا الاستماع للرأي المختلف والوقوف على ما وراء الكلمات المجردة؛ حيث أن هذا يساعد على فهم أفكار الرأي الآخر.

وحينها قد يولد العطف وتقدير قيمة وجهات النظر على الرغم من بقاء الاختلاف، وليس من المهم الوصول إلى اتفاق على وجهات النظر بل المهم فهم وجهات النظر المختلفة.


ينبغي الاعتراف بأن الاختلاف سواءً كان بسيطا أو كبيرا هو جزء من أي علاقة، ومن المهم عدم تعليق أهمية كبيرة على ماهيّة الاختلاف بل الاهتمام بطريقة احتوائه.


مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع