الفلسفةعلم إجتماعمعارف عامة

هل الخير والشر نسبيَين أم مطلقَين

الخير والشر نسبي أم مطلق؟ هذا هو السؤال الركيزة، وعلى مدار زمن بعيد من التاريخ فكر فيه الكثير من الفلاسفة، ورجال الدين.

ولو سألنا أي رجل دين عن رسالة هذا الدين للعالم؟، سيجيبك الكل بأن الرسالة الأساسية هي نشر الخير والسلام على سطح الأرض، في حين أن بنسبة تفوق ال70% من الحروب في العالم الآن قائمة من غطاء ديني سواء طوائف دين واحد أو أديان مختلفة.



أمثلة نسبية الخير والشر نسبيان وليسا نسبيان بشكل مطلق. . عندما يقتل أحد شخص آخر هل من الممكن أن يكون هذا في سبيل الخير؟ لو فكرت فورًا ستقول، بالطبع لا، ولكن لو فكرت مليًا ستقول نعم أحياناً يكون القتل من أجل الخير. فلو جاء أحدهم يحاول أن يعتدي عليك ليقتلك بالطبع ستدافع عن نفسك ولو هو أوصل الصراع لموتك أو موته بالطبع موته هو سيكون اختيارك الشخصي بدافع غريزة البقاء.


أيضاً لو جاء أحدهم وتعدى على أهلك، هل ستتركه وتقول إن الخير سيغلب الشر؟

بالطبع لا، فالدفاع عن النفس ليس شراً حتى لو كنت ستستخدم القوة وستلجأ للقتل.

ومن هنا نقول أن الأمر نسبي ولكن ليس بصورة مطلقة، فالقتل إطلاقاً هو شر مطلق ولكن الدفاع عن النفس نسبي.

ولكن هذا يظهر في القتل بصورة واضحة وربما يكون مثال بسيط زيادة عن اللزوم، ولكن يوجد ما هو أكثر تعقيداً.

أما المشكلة الكبيرة تكون في الأشياء التي لا يتفق عليها الكل سواء أنها خير أو شر، وهذا يندرج تحت بند العادات والتقاليد.

فمثلاً قديماً كانوا يقدمون في حضارة أشور وبابل الأطفال ذبيحة للإلهة عشتار وكان هذا خير بالنسبة لهم، ولكن في المقابل كان هذا شر بالنسبة لشعب إسرائيل، الذي كان الشعب الموحد بالله الواحد الأحد في السماء.

وفي أمثلة أخرى نجد الصراع دائماً ضروس بين الخير والشر لأنهما نسبيان ولا أحد يجزم أن هذا خير أو أن هذا شر حتى لو كان على حق.

فالأمر ليس فكرة ما إذا كان حقاً أو لا، الأمر عبارة عن منظور البشر للفعل ومنظور البشر متغير من الأزل حتى الأبد.

الدوافع والغرائز الخيرة والشريرة طبيعتان محيرتان، فالغريزة تختلف عن الدافع تماماً وربما البعض منا يعلم هذا عند دراسة علم النفس في المدارس العادية جداً.

فالغرائز تخص غالباً الحاجات الأولية الجسدية للإنسان والحيوان، أما الدافع فهو يخص الشق النفسي والجسدي معاً للإنسان.

بمعنى أن غريزة الجوع تدفعك للأكل، وليس العكس فدافع الجوع لا يولد غريزة الأكل. هذا فيما يخص الشق الجسدي للدوافع، أما فيما يخص الشق النفسي للدوافع فمثلاً الغيرة تدفع الإنسان للعصبية.

علاقة الدوافع والغرائز بالخير والشر :

ببساطة أنهما السبب. فمثلًا لماذا الأسد يقتل الغزالة؟ بسبب غريزة الجوع التي تدفع الأسد للأكل، ومن هنا وبما أننا اتفقنا أن الدوافع تخص الشق النفسي لدى الإنسان إذاً فالخير والشر غالباً هما أفعال تحدث منك بدوافع معينة.

بمعنى أنك تعطي الفقراء نقوداً لأن هناك دافع داخلك يقول لك افعل هذا. إذاً من أين أتى الشر؟


الدافع الأساسي للشر هو نفسية الإنسان المشوهة نتيجة المجتمع والتربية والبيئة والطبيعة الحيوانية التي مازالت تسكنه، وبما أن نفسية الإنسان غير مستقرة ومتقلبة إذاً بالتبعية تكون الدوافع متقلبة.

يحدث أن يكون هناك شذوذ في الدوافع وهذا الشذوذ هو الشر، ولذلك عندما يريد أن يسيطر الإنسان على نفسه يسيطر على دوافعه ويختبر نفسه ليستطيع في النهاية اكتشاف العطب النفسي لديه.

وهذه هي الطريقة الوحيدة لاحتواء الشر البشري.

الضمير بالطبع الخير والشر مرتبطان بشكل أساسي بما يسمى الضمير. وهو عبارة عن الوعي أو الوجدان الداخلي الذي يعرف كيف يميز بين الخطأ والصواب.


فهذه الكلمة هي الشغل الشاغل للفلاسفة من قديم الزمن.

ولكن دعنا نوظف لك ماهية الضمير بالخير والشر بصورة مناسبة.

الضمير في العموم يتكون من بضعة أشياء مختلفة، المجتمع وعاداته وتقاليده، الأب والأم، البيئة المحيطة.

وربما يعتقد البعض أن باقي الحيوانات لا يوجد لديها ضمير ولكن هذا في الحقيقة ليس صواب فكل كائن حي تقريباً لديه حس التميز بين الصواب والخطأ، ولكن الفرق بين البشر وباقي الكائنات هو أن وعي البشر أعلى بمرات عديدة من وعي باقي الحيوانات.

وكمثال على هذا أجروا تجربة مع أقرب الحيوانات للإنسان عقلياً وهو الشمبانزي، وكانت التجربة هي عبارة عن قردين تم تعنيف أحدهم أمام القرد الأخر تم تعنيفه بإهانة وزجر. وفي المقابل أعطى الطبيب للقرد الأخر الذي لم يعنفه أحد موزة، فكانت النتيجة أن القرد رفض أن يأخذ الموزة وعندما أصر الطبيب أن يأخذ القرد الموزة أخذها وأعطاها للقرد الذي تم تعنيفه.

ومن هنا كانت النتيجة أن حتى القردة لديها نوع من أنواع الوعي تجاه الخطأ والصواب، وتستطيع السيطرة على غرائزها بشكل بسيط من خلال هذا الوعي.

وكما قلنا إن الضمير يتكون من العادات والتقاليد والمجتمع والبيئة، فمن هنا وجدت النسبية الضميرية.

حيث تجد بعض القبائل تطرد المرضى من بينهم خارج إطار القبيلة، في حين أن هذا عند باقي البشر هو أمر غير صحيح.

والذي يجعل هذه القبيلة تفعل هذا الشيء بضمير مرتاح هو أنهم منذ القدم يفعلون هذا ولا أحد يقول لهم أنه خطأ، فضمائرهم لم يحدث لها تحديث أو تجديد.

الضمير وعي طبيعي، مجرد أفكار مختزنة يسترجعها الإنسان وقت الحاجة إليها والحكم فيها يكون من خلال عوامل عديدة.

ولكن ما نريد أن نعرفه هو أن الضمائر تتشكل وتتغير وتتطور بتغير البيئة المحيطة، وبتغير الضمير تتغير نظرة الإنسان نفسه للخير والشر وهذا هو أساس فكرة الأديان.

فالأديان عبارة عن رسالة للضمائر البشرية تعيد تشكيل فكرة الخير والشر من منظور الرسول.

أخيراً وبعد كل هذه المعلومات عن الخير والشر والضمير والإنسان. فما يمجد كونك إنسان وكيان عاقل افعله وما تشعر أنه يأخذك لعالم وطبيعة الحيوان ارفضه وهذا ما يسمى الفطرة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع