الصحةمعارف عامة

تأكيدات على إهتمام المصريين القدماء بالعلاج النفسى

وضع المصريين القدماء أولى مبادئ علم النفس، من خلال اهتمامهم بظاهرة الأحلام والرؤى، واعتبارهم أنها تعبر عن مشاعر ومحسوسات الشخص، كما يمكن من خلالها تحليل الشخصية واكتشاف العطب النفسي الذي شابها.

ويقول الدكتور حسن كمال، في كتابه “الطب المصري القديم”، بالرغم من أنهم كانوا يتعاملون مع أعراض تغير المزاج أو الاضطراب السلوكي والعقلي كنوع من المس الشيطاني، والذي غالبا ما كان يعالج بالسحر والتعاويذ والصلوات، إلا أنهم بجانب ذلك استخدموا أسلوب تفسير وتحليل الأحلام التي يراها الشخص في نومه، وحسب كمال فقد كان هناك غرفة مخصصة في معبد فيلة، كان يعتقد أن لها تأثيرا في تحرير العقل الباطن من قيود الجسد ليحلق في سماء الأحلام، معبرا عما يدور في نفس ذلك الشخص، فينام الرجل وإذا ما استيقظ سألوه عن حلمه، فيقومون بتفسيره وتحليله، وطبقا لذلك يتم تشخيص حالة الشخص.

كما وجدت بعض التعليقات في بعض البرديات الطبية تصف حالة شخص بأنه يعاني من الحزن أو الخوف.


كتاب الأحلام الفرعوني
يشير هذا الكتاب إلى نظرية  السير آلان جاردنر، والتي شرح فيها كتاب الأحلام الفرعوني، والذي يعتقد أن الكتاب هو الأقدم من نوعه تاريخيا، ويعود إلى عصر الأسرة الثانية عشر.

واصفا الكتاب بأنه عبارة عن جدول لما يراه الإنسان في نومه وأمام كل رؤية تفسيرها.

ومما ورد من بعض الأمثلة لتفسير بعض الرؤى الواردة بالكتاب، الذي قسم إلى ألواح  يحتوي كل منها على مجموعة من الرؤى ما بين 5 إلى 28، وتبدأ جميعها بعبارة متكررة “إذا رأى شخص نفسه في الرؤيا…”،

ومنها: يأكل اللوتس، فهو أمر جيد، وإذا رأى نفسه يسدد سهما إلى علامة يعني ذلك تحقيق هدفه، أما إذا نفسه يكسر إناء بقدمه، دل ذلك على حدوث مشاجرة أو أمر سيئ، وإذا رأى أنه يوخز نفسه بإبرة، فيعني ذلك أنه يكذب.



 ويلمح العلماء إلى أن المصريين القدماء اعتقدوا أن الشخص قادر على أن يصنع حلمه طبقا لسلوكه الشخصي وأفكاره ومعتقداته، مشيرًا إلى أن المصريين القدماء اعتبروا الحلم مثل عالم مواز حقيقي يمكن تحقيقه، لذلك فقد نشأ بينهم تقليد اعتمد على الدعاء إلى الآلهة لتحقيق الرؤى والأحلام.

كما أن  قرطاس تفسير الأحلام والمسمى إصطلاحٱ كتاب الأحلام الفرعوني طبقا لجاردنر قسم الأشخاص إلى قسمين، قسم خيّر وقسم شرير، وأورد لكل فريق منهما تفسير الرؤى الجيدة والسيئة،  ملفتٱ إلى أن ذلك يعني أن القدماء عرفوا أن  ثمة علاقة تربط بين الأحلام والشخصية وأن كليهما يؤثر في الآخر.



وفي كتابه “تاريخ الطب عند الأمم القديمة والحديثة”، أشار عيسى إسكندر، إلى أن الطبيب المصري القديم حضر دواءٱ عشبيٱ اعتمد على نبيذ الخل ولبن النساء وبعض الأعشاب، كان يعالج به حالات الغم والغضب، وفي بعض الحالات كان المعالج النفسي ينصح المريض بممارسة الرياضة مثل المشي أو العدو أو الاستماع إلى الموسيقى والغناء، مؤكدا نظريته بتعدد مشاهد ممارسة الرياضات ومشاهد العازفين والمغنين في المعابد والمقابر المصرية القديمة، والذي يدل من وجهة نظره على أن المصرى القديم أدرك قيمة الرياضة والموسيقى في إدخال البهجة والسرور إلى النفس ومقاومة الإصابة بالمرض النفسي.

ويورد الدكتور سمير أديب،  في كتابه “موسوعة الحضارة المصرية القديمة”، أن من أهم قواعد الصحة النفسية التي اهتم بها المصريون القدماء هي عادة الزواج المبكر، والذي كان يجنب المراهقين الوقوع تحت تأثير الكبت الجنسي والذي قد يسبب أمراضا خلقية وجسمانية، ويمكن أن يؤدي إلى الانحراف، كما ينوه بأن نصائح الحكماء حوت عشرات الأقوال التي تحض على الزواج، لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي، واعتبروه على حد وصفه مقاومٱ للاكتئاب ومحسنٱ للصحة النفسية للفرد.

ومن هذه الأقوال ما وصى به الحكيم بتاح حتب ابنه: “إذا كنت عاقلا، فأسس لك دارا “تزوج”، وأحبب زوجتك  حبا جما”، ملفتًا إلى أن تعدد الزوجات لم يكن شائعا في مصر القديمة وإن كان مسموحٱ به، فقد كان من المألوف أن يكون للرجل زوجة واحدة، مشيرا إلى أن ذلك يعكس  تقدير القدماء لأهمية الاستقرار الأسري وتأثيره على حالة الفرد النفسية والمزاجية.



مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع