إنفث الحرارة فى مصافحتك
طرأ على التحية بالمصافحة تغير كبير منذ عهد بوليوس قيصر . ففي تلك الأيام ، كان الصديق حتى يلتقى بصديقه ، يمد ذراعيه وهو يقبل نحوه ، ويفعل الصديق المثل ، حتى إذا اقتربا أحدهما من الآخر ، أمسك كل منهما بساعدي زميله .. ولم يكن للعاطفة في تلك التـحـيـة دخل ، بل على العكس ، كان الدخل ، أكبر الدخل للشك والتوجس المتوارثين من عهد الكهوف والمغاور ، ومن ثم كان إمساك الصديق بساعدي صديقه على سبيل التأكد من أنه لن يهاجمـه غـدرا وغيلة.
وهكذا نرى أن المصافحة في منشأها الأول ، كانت حذرا واحتياطا . ورويدا رويدا حين شرعنا نثق بعضنا في بعض اعـتـدنا أن نمد الذراع اليمنى وحسب .
وهكذا تحولت المصافحة إلى علامة على الود والصداقة وأصبحت تحتل في صلاتنا اليومية بالناس مكان الصدارة .
والطريقة التي يصافح بها المرء صـاحـبـه . في هذه الأيام قـد أصبحت تنم عن شخصيته . فإذا هو نفث في مصافحته الحرارة والعاطفة ، دل ذلك على أن قلبه في موضعه الصحيح . فهو بهذه المصافحة إنما يريد أن يقول لمصافحه : ( إنني أحبك ، وإنه ليجعل اليوم أبهج وأسعد ، أننى التقيت بك ) .
وبرغم ذلك ، فكثيرا ما نلتقى بأناس لا يزنون المصافحة بوزنها الصحيح ، ولا يقومنها بقيمتها الحقة ، ولا يدركون كم يفوتون على أنفسهم بهذا من خير كثير .
أمثال هؤلاء الحقودون الذين يحملون الحقد في قلوبهم أمدا أطول مما يجب والرياضيون المتفاخرون الذين يجعلون من المصافحة واقعة أليمة .. والمنطوون المترددون في الاستجابة لنداء المصافحة .. والعصبيون ذوو الأكف الرطبة الرخوة .. والمنافقون الذين يتهافتون على المصافحة سواء دعى إليها داع أو لم يدع ! فكيف إذن تكون المصافحة المثالية ؟ كن قويا ولكن لا تسحق اليد الممدودة لك ! واقبض كف صاحبك في غير رخاوة ولا توتر كما لو كنت تقاومه رکن جادا، وليكون أفضل لو صاحب مصافحتك انبساط تعبيرات وجهك.
والمصافحة المخلصة الحارة هي ثاني ما ينقل الحب والعاطفة إلى غيرك من الناس بعد الابتسامة ، ولا نخطئ إذا قلنا إن الحب يكمن في راحة يدك .
من كتاب كيف تحب وكيف تكون محبوباً ل أحمد عبد الحفيظ