ما هو الميتافيزياء ؟
جميع المسائل التي لا يمكن تصنيفها ضمن الإطار الطبيعي (الفيزيائي الواقعي المادي تصنف ضمن إطار الميتافيزياء.
هذا ما يجعل الميتافيزياء يتناول بدراسته الظواهر الروحية والنفسية ويدخل في مناقشة الظواهر الغريبة مثل الجن، الاشباح، والتخاطر.
الميتافيزيقا فرع من الفلسفة يتعلق بالطبيعة الأساسية للواقع، ويُسمى أيضًا علم ماوراء الطبيعة.
وهو يهدف إلى تقديم وصف منظم للعالم وللمبادئ التي تحكمه، وتُعدّ الميتافيزيقا علوماً استقصائية أكثر توسعاً في المظاهر الأساسية للموجودات.
ويعتمد علماء الميتافيزيقا على أنماط تحليلية تعتمد على المنطق الخالص عوضاً عن النهج التجريبي الذي يتبعه علماء الطبيعيات. وقد ركز التكهن الخاص بما وراء الطبيعية، على مفاهيم أساسية كالفضاء والزمن، والسببية، والهوية والتغيير، والاحتمالية والضرورة، والمتفردات والعموميات، والعقل والجسد.
ظهرت كلمة ميتافيزيقا من الكلمة الإغريقية (Meta) التي تعني (ما وراء أو بعد) وكلمة (Physika) وتعني (الطبيعة).
والميتافيزيقا هي فرع من فروع الفلسفة التي تبحث في المبادئ الأولية للعالم، وحقيقة العلوم.
وتنقسم اهتمامات الميتافيزيقا إلى دراسة طبيعة الوجود ، وتفسير الظواهر الأساسية في الطبيعة، ومستويات الوجود ، وأنواع الكيانات الموجودة في العالم والعلاقة بينها.
كما تختص بدراسة الكون ونشأته ومكوناته، بالإضافة إلى دراسة التصورات التي يتمثل بها الإنسان رؤيته للكون بما فيه الوجود، الزمان والمكان، قانون العلة، الاحتمالات.
وقد عرف باومجارتن ألكسندر جوتليب الميتافيزيقا في كتابه ميتافيزيقا 1957 “أنها العلم الذي يدرس الأسس الأولى أو المبادئ الأولى التي تقوم عليها المعرفة الإنسانية، وهذه الأسس هي أسس أنطولوجية (مفهوم الوجود) وكوزمولوجية (مفهوم الكون) ونفسية ولاهوتية” .
وأشارت كلمة فلسفة لا إلى الميتافيزيقا وإنما إلى علم المنطق والأخلاق والفيزياء والتي صنفها الرواقيون على أنها مجموع العلوم الفلسفية. وقد أطلق أرسطو لفظاً مغايراً للميتافيزيقا والفلسفة معاً ألا وهو الفلسفة الأولى ومن هنا نبع السؤال :
هل الفلسفة ميتافيزيقا أم أنها فلسفة أولى تقوم على دراسة الموجود بوصفه موجود كما تقوم على دراسة المنطق الأكثر ارتفاعاً أو علواً عما هو موجود.
إن الميتافيزيقا تتداخل بشدة مع كل فرع من فروع البحث الفلسفي ، كما أنها تهتم بدراسة أسئلة فلسفية تتعلق بالطبيعة والبنية العامة للعالم الذي نعيش فيه ، فعندما نتناول مشكلات في فلسفة علم النفس، أو فلسفة الرياضيات، أو فلسفة الدين، سرعان ما نواجه حتماً قضايا وتساؤلات ميتافيزيقية .
إن التأمل المسمى بالميتافيزيقى ليس في الحقيقة سوى أصفى شكل من الميل إلى الوحدة وسد الثغرات الموجودة في لوحة الكون والبحث عن تفسير موحد عن العالم خارج نطاق العلم وهذا ما أشار إليه الأمريكي و.جامس بقوله :
“ليست الميتافيزيقا سوى مسعى بالغ التصلب والعناد للتفكير بصورة واضحة ومتماسكة. كما أنها تعني طريقة خاصة في التفكير الفلسفي لتجاوز استنتاجات العلوم.
ومن هنا نرى أن الميتافيزيقا مصطلح يشير إلى المعرفة الأساسية بالموجود بوصفه موجوداً في كليته، كما أنها تبحث في الفكر والوجود والمطلق بالإضافة إلى اهتمامها بالنواحي الخارجة عن إطار الحس والمشاهدة المادية والتي لها القدرة على ترك بصماتها على الثقافة المجتمعية وخلق مفاهيم ومعتقدات تؤثر على العادات والأعراف السائدة للمجتمعات.
وترتبط الميتافيزيقا بالذاكرة الجماعية للشعوب من خلال الأديان والأنظمة العقائدية والأساطير المقدسة والوقائع التي حدثت في الماضي السحيق في زمن البدايات وغالباً ما تحكي واقعاً أو خيالاً.
وهي تفرض نفسها على معتنقيها من خلال نسق كامل من المعتقدات يتم توارثه عبر الأجيال بطريقين الأول بشكل إرادي واع نتيجة للتأثير الذي يمارسه كل جيل على أفراده بواسطة التعليم والتربية.
والثاني بشكل تلقائي لا إرادي ولا واع وهو ما أسماه محمد حسين دكروب الذاكرة الجماعية والتي يؤكد أنها هي الأساس الرابط للمجتمع فهي تعمل على تحديد مجمل البنى التشكيلية كأنساق ثقافية لا واعية تعطي دلالة ومعنى لما هو أسطوري أو تاريخي أو واقع في حياة الشعوب.
إنها تعطي القواعد المنظمة للعلاقات الاجتماعية والثقافية بشكل معين مستمد مما تختزنه الذاكرة الجماعية من ماضيها السحيق من بنية وجودها التاريخية اللاواعية.