حتى لو هيشرب قهوة وينام
أبويا هو الشخص الوحيد فى الدنيا كلها اللى باخد منه طاقة عن عمد وهو عارف، أنا شخصياً دايماً لما حد بياخد منى طاقة والكلام ده هيفهمه الناس اللى بيقرأوا أو يعرفوا فى علوم الطاقة، باحس على طول وبصراحة بابعد أو باخد احتياطاتى على قد ما اقدر، والكلام ده بردو يعرفه الناس اللى ليهم فى علوم الطاقة.
بس ممكن نقول باختصار علشان الناس اللى مبتعرفش فى الكلام ده يعنى إيه آخد طاقة من حد، يعنى آخد منه إحساس بالراحة أو الطمأنينة ولازم علشان آخد منه طاقة كويسة ؛ أديله طاقة مش كويسة من عندى.
هو الكلام ده بيروح وبييجى كدا ؟؟
آه، طبعا، بيروح وبييجى، وهو ده اللى بيخلينا نحس إن فيه ناس لما بنقعد معاهم بنرتاح وناس لما بنقعد معاهم بنتضايق أو نحس بالهم.
وأحسن الحالات اللى بيبقى فيها كل اللى فى القعدة طاقتهم كويسة، فكلهم يطلعوا من القعدة دى مرتاحين ومحدش أثر على حد بالسلب
نرجع لموضوعنا؛
كل الطمأنينة والسكون والهدوء اللى عندى أو كان عندى، أنا كنت باخده ولسه باخده من أبويا.
باب الشقة عمره ما اتقفل بالمفتاح وأبويا برا، والكلام ده معناه إنه عمره ما بات برا البيت ولا مرة، غير الأيام اللى سافر فيها مرتين حج ومرتين عمرة.
ولو اضطريت أتأخر عليه شوية دلوقتى وانا كبيرة كدا لو أولادى عندهم امتحانات مثلا وده بيبقى السبب الوحيد اللى بيأخرنى عنه بابقى عايزة أروح له ومستعجلة مش علشان هو وأمى كبروا فى السن ولازم أسأل عليهم والكلام ده واشوف طلباتهم، هما كدا كدا مبيعتمدوش على حد غير ربنا.
لكن أنا بابقى محتاجة أروح علشان نفسى أروح أكتر منهم.
علشان كدا باستغرب جدا من الآباء اللى بيتصوروا بمنتهى ضيق الأفق إن الأبوة كلها مختزلة فى إنه يصرف على أولاده، طب والأمان اللى مش هيعرفوا يجيبوه من غيره ؟
والحمل اللى محدش هيشيله عنهم غيره ؟
الآباء ممكن يدوا أولادهم كل الجرعة المطلوبة من الطمأنينة بمجرد وجودهم فى البيت، حتى لو قاعد فاتح التليفزيون طول اليوم أو حتى فاتح التليفون ليل ونهار، وجوده عمره ما هيبقى زى عدمه، بس معظم الآباء مش فاهمين كدا ولا عندهم تقدير لذاتهم يؤكد لهم إن وجودهم مهم علشان الهدوء ده ييجى فى البيت كله.
لاحظت فى أسر كتير جداً يسودها التوتر والقلاقل والاضطراب إن الأب متوتر وعصبى ومعندوش هدوء أو غايب تماما طول الوقت وبالتالى مش هيدى أمان لحد، الأسرة دى كلها على بعضها بما فيهم الأم بتبقى تحت ضغط على طول ومبيحسوش بالحد الأدنى للطمأنينة اللى كل الناس محتاجاها فى الزمن الحالى اللى من غير شوية هدوء ممكن الناس تروح فى سكك ممكن توديها لفشل فى شغلهم وصحتهم وممكن توصل بعضهم للموت، آه والله ممكن توصل بعضهم للموت.
محدش يستهون بمشاعر واحد عاش طفولته وشبابه وشيخوخته فى توتر وضغط وتوهان، عمره ما هيكون عاش ولا هيعيش حياة مريحة، إلا لو دور على الهدوء فى أى حاجة.
الدنيا كلها بتقول إن الأم أهم من الأب فى التربية، لكن الطمأنينة والهدوء دول بالنسبة لها ممكن تحققهم بشغلانة كبيرة ووجع دماغ، لكن الأب بيحققهم وهو حاطط رجل على رجل ومبيعملش أى حاجة غير إنه بيشرب قهوة قدام التليفزيون أو بيكلم اصحابه فى التليفون أو حتى نايم بس المهم يبقى موجود.
أحياناً لما باحس إنى فاقدة السيطرة على أولادى وإن إحترامهم ليا تحت الصفر كنت باضربهم لكن مكانش ضربى بيفرق، وماكنتش بالاقى أدوات مناسبة وماكنتش باقدر أضربهم أصلا لأن أنا اللى إيدى كانت بتوجعنى، وأحيانا كتير لما كان إبنى بيزودها ويعيش فى دور إن محدش قادر عليه كنت باطلب من باباه يضربه وباطلب منه بجد وكتير، وكل مرة يقولى أنا لو ضربته هأكسره، وميرضاش.
فى العادة كنت باحس إنه مش عايز يوجع دماغه فى التربية وتفاصيلها الكتيرة جدا، لكن مؤخرا وبعد ما أولادى كبروا نسبيا حسيت إن عدم ضربه ليهم نهائيا ده حاجة كويسة جدا وتدعو للفخر، يعنى إن شاء الله لما يكبروا ويعجزوا وانا وباباهم نكون متنا، يبقوا يفتكروا ويقولوا لنفسهم أنا أبويا عمره ما ضربنى ولا مرة، هو فعلا عمره ما ضرب حد فيهم.
نفسى أعرف مين أول واحد قال جملة، الراجل ميعيبوش إلا جيبه وخلى ناس كتير فاكرة إن الراجل وخصوصا الأب مش مطلوب منه غير فلوس، مع إنه عنده حاجات كتير أوى يديها غير الفلوس، بس احنا اللى فهمناه إنه معندوش غير جيبه وإن قعدته فى بيته زى عدمها وإنه مالوش دعوة بأى حاجة فى البيت لحد ما صدق وصدقنا كلنا !